حق الأم برها والإحسان إليها قال تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً قال ابن
عباس رضي الله عنهما : يريد البر بهما مع اللطف ولين الجانب، فلا يغلظ في الجواب ، ولا يحد النظر
إليهما ، ولا يرفع صوته عليهما ، بل يكون بين يديهما مثل العبد بين يدي السيد كلا لهما . وقال تعالى
فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما فقد نهى الله أن يقول الابن لأمه : أف وهي أقل كلمة فكيف بما هو أعظم
منها؟ ((جاء رجل إلى رسول الله فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي، قال: أمك قال ثم
من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك )) . .فالأم من أعظم الناس فضلا وأحق الناس
بالإكرام والإحسان ، ومن لا خير له في أمه فلا خير له فيمن هم دونها: عن عائشة رضي الله عنها عن
النبي أنه قال: ((دخلت الجنة فسمعت قراءة فقلت من هذا ؟ فقيل : حارثة بن النعمان . فقال رسول
الله وكذلكم البر .كذلكم البر)). وزاد عبد الرزاق في روايته ، وكان أبر الناس بأمه ، وجاء في الأدب
المفرد أن رجلا يمانيا حمل أمه وراء ظهره يطوف بالبيت فرأى ابن عمر فقال : إني لها بعيرها المذلل إن
أذعرت ركابها لم أذعر ، الله ربي ذي الجلال الأكبر ، حملت أكثر مما حملت ، فهل ترى جازيتها يا ابن
عمر ؟ ثم قال : يا ابن عمر أتراني جزيتها؟ قال: لا ولا بزفرة واحدة . .أيها المسلمون: هاهي المرأة
المسلمة التي رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ، هاهي قد حفت بسياج عظيم من التكريم ،
وأمطرت عليها سحب الرسالة فيضا من الحفظ والصون ، والاهتمام والرعاية حتى عدت مشاركة قوية
وفعالة في الحياة ، لا تصلح الحياة إذا فسدت. . وارجع قليلا بذاكرتك إلى الإحصاءات المخيفة في
الخطبة الماضية لترى البون الشاسع بين المرأتين ، والفرق الكبير بين الحياتين ، حياة في ظل الإسلام
وحياة في ظل الجاهلية النتنة، إلا أنه لم يرق لأعداء دينك هذا الاستقرار الذي تعيشه المرأة
المسلمة، فبدأوا بالمؤامرات تلو المؤامرات لإفسادها ، وهذا هو موضوع الخطبة القادمة بمشيئة الله.
.استودعكم الله الذي لا نستطيع وداعه